الرئيسية » الآثار » دليلٌ الى آثار الصليبيين في لبنان
مقال عن آثار الصليبيين في لبنان
مقال عن آثار الصليبيين في لبنان

دليلٌ الى آثار الصليبيين في لبنان

-جويل حبيب-

تتعدد آثار الصليبيين في لبنان، كونهم اهتموا بالمدن الساحلية وسيطروا عليها تدريجياً. وكانت وجهتهم الأولى طرابلس فاستولوا عليها ثم على بيروت وصيدا وأخيراً على صور. وشيدوا لحماية دويلاتهم من غزوات المسلمين قلاعاً ضخمة في تلك المناطق، هي اليوم خير دليل الى الآثار التي خلفها الصليبيون، مثل قلعة طرابلس وقلعة جبيل وقلعة صيدا وغيرها.

مقال عن آثار الصليبيين في لبنان

من هم الصليبيون؟

مع حلول نهاية القرن الحادي عشر، برزت أوروبا الغربية كقوة هامة، على الرغم من كونها كانت متأخرة عن الحضارات المتوسطة الأخرى، مثل حضارة الإمبراطورية البيزنطية والإسلامية.

ومع ذلك، فقدت البيزنطية مساحة كبيرة أمام الأتراك السلاجقة. وبعد سنوات من الحرب الأهلية، استولى الجنرال ألكسيوس كومنينوس على العرش البيزنطي وسيطر على الإمبراطورية المتبقية. ومن ثم أرسل مبعوثين إلى البابا أوربان الثاني لطلب قوات المرتزقة من الغرب للمساعدة في مواجهة التهديد التركي. وعلى الرغم من أن العلاقات بين المسيحيين في الشرق والغرب كانت منقسمة، إلاّ أنّ الطلب جاء في وقت كان فيه الوضع يتحسن. فدعا البابا المسيحيين الغربيين إلى حمل السلاح لمساعدة البيزنطيين واستعادة الأراضي المقدسة من سيطرة المسلمين. وقد قوبل النداء بتجاوب كبير، سواء بين النخبة العسكرية أو المواطنين العاديين. وهذا ما يمثل بداية الصليبيين والحروب الصليبية التي على أساسها بنوا القلاع لحماية أنفسهم والتي يطلق عليها اليوم آثار الصليبيين في لبنان.

آثار الصليبيين في لبنان

تضم المناطق اللبنانية العديد من القلاع الأثرية التي تعود إلى العصور الصليبية. ولكل قلعة تاريخها وخصوصيتها ورسمها الهندسي.

من آثار الصليبيين: قلعة جبيل

من آثار الصليبين: قلعة جبيل
مصدر الصورة من ويكيبيديا
مصدر الصورة: ويكيبيديا
من آثار الصليبين: قلعة جبيل

تعتبر قلعة جبيل من أهم آثار الصليبيين، تم بناؤها في القرن الثاني عشر ميلادي على أساسات القلعة الفارسية القديمة، التي لا تزال جدرانها منتصبة إلى جانب السور القديم. وعام 1188، قام صلاح الدين الأيوبي بالسيطرة على مدينة جبيل، وتمت إزالة جدرانها. وجرى لاحقاً الاستيلاء من جديد على البلدة من قبل الصليبيين، وتمت إعادة بناء حصون القلعة عام ١١٩٧.

تضم القلعة تحفاً حضارية، مثل الطريق الروماني، وهي البقايا الأثرية للطريق الذي كان يؤدي من القلعة لوسط المدينة. كما يوجد بقايا بيوت من نهاية الألف الرابع قبل الميلاد. كذلك مقالع ومعبد البعلة الذي بُني لأحد الآلهة. كما أنها تضم المسرح الروماني الذي يعود إلى عام 218 قبل الميلاد. وتحتوي على المدافن الملكية التي تعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، وأشهرها مدفن الملك أحيرام. إضافة إلى الأحياء السكنية التي تعود إلى العصر البرونزي. وأسوار وسبيل الماء الروماني والقلعة الفارسية.

من آثار الصليبيين: قلعة صيدا

صورة تظهر قلعة صيدا التي بناها الصليبيون
مصدر الصورة من ويكيبيديا
مصدر الصورة: ويكيبيديا
من آثار الصليبيين: قلعة صيدا البحرية

يطلق عليها اسم قصر البحر. تبلغ مساحتها 3859.5 متر مربع، وتنتصب منذ عقود طويلة عند الطرف الغربي لمدينة صيدا الجنوبية.

أقام الصليبيون هذه القلعة فوق صخرة ناتئة في البحر على مسافة 80 متراً من الشاطئ، واستخدموا في بنيانها الحجارة المنحوتة الجاهزة وجذوع الأعمدة الموضوعة عرضياً داخل الجدران.

وتتألف القلعة من برجين يجمع بينهما جدار متين تهدم جزء كبير منه. البرج الأول يقع إلى الشمال الشرقي من القلعة، ويقابل مدخلها الرئيسي، وقد بنيت جدرانه من حجارة ضخمة. أما الثاني، فيقع إلى الجهة الجنوبية الغربية، ويمثل مرحلتين تاريخيتين، لأن الجزء الأسفل منه بني في العهد الصليبي من حجارة قديمة منقولة، بينما أعيد بناء الجزء الأعلى في عهد المماليك، وهو ما يؤكده النص المنقوش على لوحة رخامية ما زالت في مكانها فوق نافذة البرج المطلة على الجهة الداخلية للقلعة.

من آثار الصليبيين: قلعة طرابلس

صورة تظهر قلعة طرابلس التي بناها الصليبيون في أوائل القرن الثاني عشر
مصدر الصورة من ويكيبيديا
مصدر الصورة: ويكيبيديا
من آثار الصليبيين: قلعة طرابلس

بنى الصّليبّيون هذه القلعة في أوائل القرن الثاني عشر خلال حصار المدينة، واتّخذوها مركزًا لحملاتهم العسكرية. عرفت بإسم سان جيل أو صنجيل نسبةً الى الكونت الصليبي ريمون دي سان جيل الذي تُوفّي فيها. وقد أحرق المماليك هذه القلعة، ثم أعيد بناؤها على عهد الأمير أسندمير كورجي. ورُمِّمَت في عهد السّلطان سليمان القانوني. وفي أواخر الحكم العثماني حَوَّلها الأتراك إلى سجنٍ.

يبلغ ارتفاع أسوار هذه القلعة بين 5 أمتار و19 مترًا. طريقة بنائها تزيد من مناعتها لأن حجارتَها الكبيرة مُحكمةُ الصّنع، ومرصوصةٌ بعضها فوق بعض، وجميع جدرانها مشبعة بالمونة. وقد وُجِدَ فيها صهريجٌ كبيرٌ في البرج السّابع، واثنان آخران في جوار البرج الكبير. بالإضافة إلى ناعورةٍ كانت تُستَعمل لرفع نصيب القلعة من ماء النهر الذي يمرّ إلى جانبها. ووجد فيها نّقوش كتابية باللّغة العربية فوق مدخل المقام بجوار البرج الثالث عشر

الآثار والسياحة

تعد هذه الآثار التي خلّفها الصليبيون في لبنان، من أهم القلاع التاريخية وأبرز المعالم الأثرية، فهي تجذب السياح الأجانب إلى لبنان، لزيارتها والتعرف عليها وللاطلاع على حضارات مرت بهذا البلد الصغير.

وبين لبنان الأمس واليوم، تُستخدم بعض هذه الآثار الصليبية لإحياء أهم المهرجانات الغنائية والموسيقية. فقد استضافت عبر سنين طوال اللبنانيين والأجانب على حد سواء، وقد وقف على مسارحها أشهر النجوم اللبنانيين والعرب والأجانب. ومن هنا تكمن أهمية دمج الثقافة مع السياحة لما لها من تأثيرات إيجابية على الصعيد المحلي، مثل تعزيز النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل جديدة، نتيجةً لتوفر وظائف موسمية. كذلك التأثير إيجاباً على القطاع الاجتماعي، والعمل على تعزيز الهوية الاجتماعية، وزيادة التماسك الاجتماعي في المجتمع.

عن جويل حبيب

.جويل حبيب إعلامية وناشطة اجتماعية .خريجة كلية الإعلام الجامعة اللبنانية .حالياً تكمل مسارها التخصصي في شهادة الماستر في الإعلام الرقمي عملت مذيعة على الشاشة الصغيرة وانتقلت بعدها إلى شاشات الهواتف الذكية .بفقرات حياتية يومية متنوعة .ناشطة مع عدد من الجمعيات غير الحكومية وأبرزها تحالف متحدون من أجل لبنان تعمل مع وكالة أنباء آسيا كمنسقة إنتاج.