حاصبيا”رمز التعايش الديني في اقصى الجنوب”

حسين الشوفي

انها عروسة “وادي التيم” حاصبيا، المدينة الراكدة على اسفل جبل الشيخ ، تحمل بشوارعها و ازقتها الضيقة حكايات و قصص منذ التاريخ الى اليوم، ولم تكتفِ ان تكون صلة الوصل التي تربط الجنوب بالبقاع، بل هي رمز حقيقي حي لوحدة الاديان التي اشتهر بها لبنان.

عند زيارتك إليها، ستستوقفك لا محال ميزة روحية يصعب وجودها في قرى اخرى، و ستشعر حتما بمكانتها الروحية، و ستلمس رموزاً دينية تشعل في نفسك دفئ الايمان والطمأنينة في كل جوانب هذه البلدة.
التعايش الديني في حاصبيا جعلها ملاذا مقصودا من كل انحاء لبنان، بمحبة و ودّ اهلها و فيها لن تستطيع ان تفرق بين درزي و مسيحي و مسلم، فسكانها يجمع بينهم عيش مشترك حقيقي ، و وحدة حال لم تتمكن الشرذمات الطائفية التي مرت على لبنان من اقصائها.

ام الكنائس بعذوبة “الله و اكبر”

يطلق على حاصبيا لقب “ام الكنايس” ، فهي تحتضن منذ اكثر من مئة عام ست كنائس، ثلاثا منها للروم الارثوذكس بينها كاتردائية حاصبيا، اما الرابعة و الخامسة و السادسة فهي للطوائف المارونية, البروتستانت والكاثوليك. و على وقع اجراس كنائس حاصبيا، يصدح صوت الله و اكبر بجامعها الاثري الذي يعد الرابع قِدما في لبنان ، و قد بني في عهد الامير منقذ الشهابي في عام ١١٧٠ ميلادي في وسطها.

خلوات البياضة الشريفة” اعلى مرجعية درزية في حاصبيا”

التعدد الديني و التعايش المشترك جعلها فعلا ملتقى الاديان، لكن الغالبية الدرزية الموجودة، لها خصوصيتها بصرح ديني ذكر في احاديث مشايخها على انه “المحل الازهر الشريف” ، و بات اليوم يعتبر احدى اهم المراجع الدينية للموحدين الدروز على الرغم من تعدد اماكن انتشارهم، ما جعل هذا الصرح مقصودا من اهل هذه الطائفة و من الطوائف الاخرى ايضا. فعلى اعلى القمة الموجودة عليها في حاصبيا ستشعر بصفاء روحاني سببه سر البياضة الشريفة.

اخيرا، ربما العيش المشترك في لبنان لم يعد كما كان عليه سابقا، لكن بالتأكيد حاصبيا ستجسد لزوارها نموذجا لم تغيره حروب طائفية او مذهبية، بل عزيمة و اصرار من اهلها في نقل واقع معاش الى يومنا هذا بين سكانها.