عام 1898، دُشّنت محطة قطار رياق في البقاع. كان الهدف حينها دمشق ببيروت، بمبادرة من العثمانيين أوّلاً، ثم بين الفرنسيين والإنكليز لاحقاً. البلدة عموماً، كانت تُعد تاريخياً منطقة وصل مهمّة، قبل القطار، وكانت هدفاً مهمّاً للعثمانيين. لا تزال القطارات موجودةً، كما المعدّات وبقايا مصنع لقِطع الغيار سُمّيَ “مشغل ريّاق”، لكن استباحة هذا المعلم وسرقته، وإهماله من قِبل الدولة أيضاً، وضعه ضمن خانة المعالم الأثرية، ليكون مقصداً لأهل البلد أيضاً، خاصةً الذين لم يعرفوا القطارات في لبنان.
علي زين الدين
تاريخ محطة رياق
تُعد محطة قطار رياق من الأكبر في الشرق الأوسط. تبلغ مساحتها 170 ألف متر مربع، وتتألف من 57 مبنى، وفيها أكبر معمل لتصنيع عربات القطارات والمقطورات وقطع الغيار.
أدّى إنشاء المحطة إلى انتعاشٍ اقتصادي للبلدة ومحيطها، وسُرعان ما بُنيت الفنادق حول المحطّة لاستقبال الزائرين، وبينهم وفودٌ رسمية، مثل الملك فيصل الأول وجمال باشا والجنرال شارل ديغول. كما بُنيت دور السينما، أبرزها “سينما روكسي”، وشُقّت الطرقات وبُنيت الأسواق لتصبح البلدة سوقاً تجارية، إلى جانب دورها السياحي، بوجود الملاهي وأماكن السهر والقمار، مع وصل البلدة بالكهرباء بشكلٍ دائم.
مصنع قطع الغيار بدوره، كانت أهميته كبيرة ليس بالنسبة إلى محطة قطار رياق فحسب، بل أصبح مقصداً للعمّال في لبنان وخارجه، وتحديداً من سوريا.
محطة رياق ضحيّة الحرب الأهليّة
عقب اندلاع الحرب الأهلية في لبنان عام 1975، باتت محطة قطار رياق واحدة من الضحايا. بدايةً، توقّفت الرحلات من البلدة إلى بيروت في العام عينه وبقيت المحطة صامدة لعامٍ واحدٍ بعد الحرب. لاحقاً، بدأت سرقة الحديد من المحطّة ولم يبقَ فيها إلا ما لم يكن يُمكن أن يُنقل، من آلات ومعدّاتٍ كبيرة، إلى جانب القطارات المتروكة في المحطة. وعلى الرغم من تحويط المحطّة لاحقاً بأسلاكٍ شائكة، لم تتوقّف التعدّيات. لاحقاً، بيعت بعض القطع الكبيرة إلى دول المنشأ، مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا.
اليوم باتت محطة قطار رياق مقصداً سياحياً دون رعايةٍ من الدولة، يقصده المواطنون، من الأجيال الجديدة تحديداً، لرؤية القطارات الغائبة عن لبنان، والتحسّر، على محطةٍ كانت تربط الدول العربية ببعضها، وشكّلت مصدراً حيويّاً للبقاع عامّةً.
مطعم ريمون
ثلاثة معالم تشتهر فيها رياق حالياً. محطة قطار رياق، مطار رياق، ومطعم ريمون. الأخير أنُشئ بعد سكة الحديد. أصبح عمره أكبر من 65 عاماً. كان الهدف حينها أن يكون استراحةً للعمّال والمسافرين، وتحوّل لاحقاً إلى مقصدٍ سياحي. بات ريمون أحد أشهر الأماكن السياحية في البقاع، إذ اشتُهر بالوجبات التي يقدّمها، أبرزها الدجاج والضفادع والعصافير. وعلى الرغم من أن المطعم تحوّل من مكانٍ يقصده العمّال والمسافرين بكلفةٍ مقبولة، إلى مطعمٍ فاخر، بواجهةٍ مطلّةٍ على معلمٍ بات يُعدّ أثريّاً، تمكّن من المحافظة على زائريه.