الرئيسية » سياحة دينية » سيدة زحلة: منارة البقاع
مقام سيدة زحلة: منارة البقاع

سيدة زحلة: منارة البقاع

أنطوان أبو فياض -سيدة زحلة هو أكبر مشروع ديني سياحي في منطقة زحلة، وأكثره تأهيلاً لزيارات السوّاح، هو أعلى برج في البقاع وتمّ تدشيّنه هذا التمثال في حزيران 1968.

موقع المقام الجغرافي المميز

بين “جارة الوادي” و”وادي السْباع”،

و “عروس البقاع” و”مربى الأسودي”،

بين “مدينة الكنائس” و”عاصمة الكثلكة”،

تختلف التسمية ليبقى الفاصل المشترك الوحيد؛

هو المدينة المصطفة على ضفاف النهر الجميل الذي تقبّله أنظار السوّاح من كل حدبٍ وصوب، مدينة زحلة.

وفي كل مرّة قصدتها الناس، زارت فيها تمثال العذراء مريم في مقام سيدة زحلة والبقاع المرتفع على هضاب المدينة بين أشجار متراصة تقدّم للسيدة العذراء التّحية.

فكرة المقام

وردت فكرة تمثال سيدة زحلة أوّلًا في عام 1958 للأب يوسف الجميل اليسوعي، على عهد المطران أفتيموس يواكيم.

الذي بدوره أشرف بنفسه على تصميم تمثال “العذراء” في إيطاليا.

في حين تألّفت لجنة عملت بجهد لتوفير قطعة الأرض المناسبة،

ولجمع التبرّعات من أجل إتمام المشروع، كما تعاقدت اللجنة مع النحّات الإيطالي “بياروتي” الذي نحت التمثال.

وكان من أبرز المصادر التي اعتمدت في تمويل البناء، تسجيل ترنيمتي “يا ام الله” و”يا مريم البكر” بصوت فيروز،

وقد نفّذت بمبادرة من الشاعر سعيد عقل وجورج وديع سكاف.

رمزية ثمثال سيدة زحلة

رمزين دينيين لدى سيدة زحلة في البقاع

ناقش “بياروتي” الفكرة في زحلة قبل توقيع العقد معه، وشارك في اجتماعات عدّة كان أبرزها بحضور الشاعر عقل، بالإضافة الى مهندسين من زحلة.

يمثّل “تمثال العذراء”، كما يسمّوه الزحليّون، السيّدة العذراء وهي تحمل على ساعدها طفلها الإلهي، وبيمينها عنقود عنب.

فيما الطفل يسوع يحمل بشماله ثلاث سنابل قمح ومن يمينه تنطلق البركة.

إشارةً إلى أنّ العنب يرمز إلى إنتاج المدينة، أي النبيذ،

في حين يرمز القمح الى القربان المقدّس والى هوية المدينة التي تميّزت بكرمتها وبانفتاحها على السهل البقاعي الغني بزراعة القمح.

تدشين المقام

تمّ تدشيّن هذا التمثال في حزيران 1968، والذي يعتبر أكبر مشروع ديني سياحي في منطقة زحلة، وأكثرها تأهيلاً لزيارات السوّاح، فهو أعلى برج في البقاع.

أولى مراحل إعمار مقام سيدة زحلة في البقاع

إذ يعلو 54 مترًا، ويمكن من خلاله مشاهدة زحلة المتّكئة بدَلال على زندَي وادي البردوني أولًا،

وفي سفح صنين الشرقي ثانيًا، لتبدو زحلة إذًا بقرميدها الأحمر، المتدرّج صعداً من ضفّتَي النهر إلى أعالي التلّتَين، كفلقتَي رمّانة حمراء، تتوهّجان كما الياقوت تحت أشعّة شمس لبنان.

فوق كنيسة مساحتها 450 متراً مربّعاً، يستريح تمثال سيدة زحلة والبقاع البرونزي.

فيشكّل علامة فارقة في هذه مدينة، ترشد القادم للبقاع الى زحلة أينما وجد، حتّى باتت محجّاً للمؤمنين من مختلف المدن والطوائف،

فدرجت وزارة السياحة المقام وكنيسته على لائحة المواقع السّياحية الدينية في لبنان في سنة 2018.

سيدة زحلة والحرب اللبنانية

الطريق المؤدية الي سيدة زحلة خلال الحرب اللبنانية

صمد مقام سيدة زحلة والبقاع حتى في أحلك الظروف التي مرّت على المدينة خصوصًا في الحرب.

فشوّهت الحرب “تمثال العذراء” وألحقت أضراراً بالبرج الذي حملها.

وذلك بعدما تمركزت القوات السورية في المقام في الـ 1981.

سنة ،1983 تمّ إخلاء المقام من الوجود السوري العسكري، واستعاده المؤمنون محجّاً دائماً لهم، ليشهدوا من بعدها على النهضة الكبيرة للمكان.

وذلك بالتزامن مع ورشة لمعالجة الصدأ والاهتراء اللذين لحقا بالتمثال.

ليكتمل ظهور المقام وقاعدته بحلة جديدة في ايار سنة 2005، بعدما تم تجهيزه أيضاً بنظام إنارة جعله منارة تشعّ على زحلة وكل أنحاء البقاع.

كنائس تحمل اسم العذراء مريم في زحلة

ختامًا، لزحلة لهفة خاصّة مع العذراء مريم إذ بين كنائس زحلة التي تقارب الواحد والخمسين، ثمة عشر منها على الأقل حاملة اسم السيدة العذراء المعروفة في المدينة ايضاً بسيدة الكرمة.

فإحدى الخبريات المتناقلة تروي هجوم نحو خمسة الاف جندي تركي على المدينة والتي كان يحميها فقط أربعمئة من مقاتليها.

ولكن تراجع الجيش وانكسر بعد أن ذرّت الرّماد في عيون الجنود “اللابسة أبيض بالسما”.

كما يُروى أيضًا أن حريقاً نشب ولفّ المنطقة في السنين السّابقة في حين نجت منه الكنيسة التي سميت بسيدة النجاة، وأنّ زلزال ضرب زحلة أيضًا ونجت الكنيسة التي سميت بكنيسة الزلزلة.

عن أنطوان أبو فياض