الرئيسية » ثقافة وفنون » الإخوة عساف…محترفون يؤرخون لبنان على الحجارة
مُحترَف عساف
مُحترَف للإخوة عساف

الإخوة عساف…محترفون يؤرخون لبنان على الحجارة

جنى شقير-

شكلت العلاقة بين البيئة والفن نجاحاً واسعاً لفنانين نشأوا في بيوت مختلفة، فما بال فن النحت بولادة المحترفين تحت سقفٍ واحد. الإخوة عساف كلّلوا بلدة الورهانية عروس الشوف البهيّة بمحترفهم “مُحترَف عساف”. هي التي تبعد عن العاصمة بيروت بحدود 45 كلم، شهدت منذ العام 1997 وحتى الآن، على بصمة تاريخية يخبرنا عنها منصور عساف الذي طبعها مع أخويه عسّاف وعارف.

فكرة مُحترَف الإخوة عساف

وُرِثت الحرفة أباً عن جد. بعد أن كانت مهنة معتمدة في السابق، تأثر الإخوة عساف بالفنان اللبناني عارف الريّس المعروف بغزارة إنتاجه الفني وإبداعه؛ ليمارسوا موهبتهم في مُحترَف متنقل. حتى اشتروا الأرض التي بنوا حلمهم عليها. وهي بمساحة تقارب عشرة آلاف متر مربع وحولوها إلى معلم سياحي يستقبل زواره من شهر أيار\مايو لغاية تشرين الأول\ أكتوبر، برسم مادي وقدره 100 ألف ل.ل ما يعال 5$.

جولة في مُحتَرف عساف

تبدأ الجولة من ممرٍ حجري تحيطه الأشجار والنباتات، المرمزة “QR code” ذات الأسماء العلمية المعرّفة باللغة الإنجليزية واللاتينية والعربية، التي تم وضعها بمساعدة مركز حماية الطبيعة في الجامعة الأميركية في بيروت.

يلفت نظرك عند التنقل بالقسم الخارجي، مجسم ضخم لكمال جنبلاط يسند المُحترَف، إلى جانب تمثالين آخرين للأديب ميخائيل نعيمة وبطل الاستقلال سعيد فخرالدين، وثماني تماثيل في القسم الداخلي لأشخاص تركوا أثر في مخيلتنا. منهم رائد المسرح “شوشو” الذي نُحت تمثاله في العام 1995. يتم متابعة الجولة، فتتعرف على أكثر من 65 عمل فني يجسد أعظم الشخصيات اللبنانية والعالمية، كما تجد تماثيل من صنع أنامل الثلاث زينة موضوعة في مختلف المناطق اللبنانية.

كيف يصنع كل هذا ولماذا؟، نعم تلك الأسئلة تراودك بعد رؤية المنحوتات. تتلقى أجوبتها في جولة تتعرف من خلالها على أساليب النحت الفني ومراحل العمارة البيئية ذات الطابع القروي.

تنتهي الجولة بتلقي الضيافة والفاكهة من أرض المُحتَرف المثمرة تحت سنديانة كبيرة، بجوارها شرفة مطلة على وادي الذهب وبلدات تتغلغل في أحضان الشوف.

إن جمال التفاصيل المنحوتة يبهر، فيكاد الحجر ينطق لولا انعدام الأوتار الصوتية.

دانا حمزه في زيارتها الأولى

فإن ردة فعل الزوار هي أوكسيجين الإخوة.

نحت التماثيل هو تأريخ الإنسان على الحجر. عندما يمتلك الإنسان الحرفة وتطاوعه يداه لإنجاز الذي يريده، يتخطى بذلك كل المعوقات؛ حتى يحقق أهدافه.

منصور عساف

مستكملاً الحديث عن أول تمثال تأريخي للإنسان وهو للفنان المحترف نبيه أبو الحسن “أخوت شانيه” في العام1993، متواجد الآن في قريته بتخنيه-المتن، صنع على يد الأخ الأكبر عساف في بداية عمره الفني أربعة عشر عاماً من الرخام الإيطالي. وهي المادة التي تعتمد من قبل الأخوة عسّاف إلى جانب البرونز والحجر الوطني. ويلي عساف كل من منصور عن عمر العشرين وعارف عن عمر السادسة عشر بالنحت، فينطلق إبداعهم نحو العالمية؛ لصنع منحوتات الخاصة بالأمراء في نيجيريا وبلجيكا وغيرها من البلدان. إذ أن العمل فني يحتاج مع الإخوة عساف لمدى زمنية مختلفة تتراوح من عدة أشهر إلى حدود السنتين أو أكثر كي ينجز.

كل هذا الإبداع موجود على الموقع الخاص بالمُحتَرف

اضغط هنا

نبيه أبو الحسن – المصدر

طموحات مستقبلة للإخوة عساف

بشغفهم الفني يتعطش الإخوة لنحت تماثيل خاصة بالمرأة في ظل مجتمع ذكوري يطلب أعمال خاصة بالرجال دون طلب تماثيل للنساء إلا القديسات منهم أو تماثيل عارية يقتنيها البعض في بيوتهم، كما أوضح لنا منصور. إلا أنهم لديهم رغبة كبيرة بنحت تمثال خاص بالسيدة فيروز وغيرها من المبدعات والمفكرات النساء.

ويطمح الفنانون لإنشاء محترف كبير منفصل عن البيت السكني، يتضمن معرض للأعمال الفنية النحتية، وأكاديمية لتعليم فن النحت، باعتبار أن هذا المشروع أرشيف للحضارات وليس حكراً على أحد.

فنحن زوار وأعمالنا هي التي تبقى بالذاكرة.

قالها منصور

وفي تمني أخير، ذكر منصور أهمية زيادة الوعي العام لإحترام الطبيعة وصولاً لإحترام المنحوتة، وهذا كله يبدأ من الجهد الفردي.  

تعرّف على كهف الفنون

عن جنى شقير