مروى عزالدين
كما تعودنا على تعريفك أيها القارئ عن أهم المتاحف الموجودة في بيروت وأشهرها، بدءاً من متحف بيروت الوطني،وحتى متحف الجامعة الأمركية،سنطلعك في هذا المقال عن متحف من نوع آخر. متحف ميم في بيروت يتميز بالقطع التي يحويها، ألا و هي معادن وكنوز أبتدعتها عوامل طبيعية من مختلف الألوان والأشكال والأحجام و أكتشفها الإنسان على مر العصور. في هذا المقال سنقدّم إطلالة معرفيّة موجزة عن متحف الميم و محتوياته.
إطلالة تاريخية:
في ١٢ تشرين أول ٢٠١٣ أُفتتح معرض “MIM” اي متحف ميم للمعادن في مدينة بيروت في جامعة القديس يوسف، ويضم هذا المتحف أكثر من ٢٠٠٠ معدن، تمثّل ٤٥٠ نوعاً من سبعين دولة. وقد تم تجميع مجموعة MIM المعدنية من عام ١٩٩٧ من قبل سالم اده؛ المهندس الكيميائي والمؤسّس المشارك لشركة الكومبيوتر(Murex4)؛ وفي عام٢٠٠٤ قرّر جعل مجموعته في متناول الجمهور. وخلال السنوات العشرة الماضية،واصل اده بناء مجموعته بمساعدة جان كلود بوليارد؛ أمين مجموعة السوربون؛ فافتتح المتحف بتمويلٍ من شخصيات ثقافيّة تهوى جمع القطع النادرة.
معنى كلمة “ميم”
سمّي المتحف بمتحف ميم اختصاراً لكلمات “متحف معدن ومنجم”. و يهدف المتحف بحسب أحد العاملين فيه الى إبراز النواحي الفنّية والجماليّة والعلميّة والتّاريخية والجغرافية والصناعية والإقتصادية والرياضية لعلم المعادن، هذا العلم الذي لم يحز حتى الآن مساحة خاصة به في عالم المتاحف في لبنان او في الشرق الأوسط.
جولة في المتحف:
يرتسم شكل المتحف ضمن زجاجية مثمنة الأضلاع متميّزة، تستمد شكلها من منظومة الأهرامات. و هناك أيضاً مجسّمان إثنان يندمجان في قلب المجسّم الأول ،و بذلك تظهر معدنية من أجمل معدنيات الفليوريت التي تصمّمها المجموعة.
تبدأ جولتنا في الطابق السفلي للمتحف الذي يقسم الى إثني عشر قسماً وفق الأصناف المعروضة. يوجد في الطابق السفلي ردهة إستقبال تربط أجزاء المتحف بعضها ببعض وتشكّل نقطة إلتقاء، وهناك مكانٌ مخصصٌ للمناسبات. ترتفع فيها مجموعة من خمسة أعمدة تشبه مدخل الهياكل القديمة، كما تم تزويد الواجهات بمعدنيات مختلفة.
ويفصل قاعة الإستقبال عن القاعات الأخرى حائط يدعى حائط بانروز،وهذا الحائط يخلق انطباعاً وهمياً بانه ذو أبعاد ثلاثية.
في المتحف يوجد ست قاعات، خصّصت كل منها لصنف معيّن من المعادن تُعرض في واجهات زجاجيّة لتبرز رونق القطع. وتتمتّع هذه القاعات بالمواصفات والمعايير العالمية التي تحميها من الرطوبة والحرارة والغبار،بالاضافة الى الاضاءة وطريقة العرض لاضفاء المزيد من الجمالية والذوق عليها.
تضمّ القاعة الأولى معادن مؤلّفة من تسعة أصناف، تتوزّع بحسب الصنف الكيميائي الذي تنتسب اليه،ويصل عددها إلى تسعمئة معدن. وهذه المعادن هي التي تشكّلت من دون تدخّل بشري إنما بفضل مفاعيل تأثيرات الحرارة والإنكباس،وبفعل بالغ التعقيد للماء.
أمّا قسم المعادن المشعّة، فهي ذات نشاط إشعاعي لذا تُعرض في مكان محصّن بأعلى درجات الأمان. وهذه الواجهات زُوّدت بفتحات خاصة لكي تمتص الغاز المنبعث من النشاط الإشعاعي، فتلفظه خارج المبنى بحسب ما ورد عن احد العاملين في المتحف
بالإضافة الى قسم للعينات ذات القطع الثمينة والفريدة والنادرة، تمكن إده من الحصول عليها بعد منافسات شرسة مع متاحف وهواة تجميع أخرى. وفي هذه الزاوية يطلع الزائر على المعايير المستخدمة من قبل هواة جمع المعادن وانتقائها،فيكتسب معلومات إضافية عن الأحجار الكريمة وغيرها.
بالإنتقال الى القسم الرابع، هناك ما يسمى بغرفة الكنز، وهذه الغرفة تضم المعادن الثمينة كالذهب والفضة،بالاضافة الى المواد المعروفة التي تسمى بالاحجار الكريمة مثل التوباز،والزمرد،والتي تم اصطفاؤها عمدا على اساس شفافيتها،ولونها وشكلها الهندسي. وتحتوي هذه المعادن على واحد وعشرين واجهة بانورامية تسمح بمشاهدة النماذج من جميع الزوايا.
مميزات “ميم”:
بامكانك رؤية ومعرفة كل شيء عن اغلى انواع المعادن بعشرة آلاف ليرة فقط
وهذه العبارة وردت على لسان أحد العاملين في المتحف. وتعتبر هذه الميزة من أهم مميزات المتحف لتشجيع كل فئات المجتمع لزيارة متحف الميم. كما يعتمد هذا المتحف على تقنيات الحماية الحديثة وفق آخر ابتكارات التكنولوجيا، ففي الواجهات تعرض المعادن التي تعود الى 250 مليون سنة،يتقدمها اللوحات التي تشرح تفاصيل هذه المعادن من خلال تطبيق هاتفي خاص بالمتحف.هكذا يستطيع كل زائر أن يتعرف على القطعة التي يريدها ويحصل على كل تفاصيلها. ولمن يفضل الشاشات الكبيرة فهي تعرض الحجارة بجميع تفاصيلها ،وبتقنية اللمس يستطيع الزائر أن يتحكم بالمعادن عن بعد. والهدف من هذه المميزات أن تستقطب التكنولوجيا جميع الفئات العمرية و بخاصة الأطفال.
من مميزات هذا المتحف أيضا أنه يمتلك ثاني أكبر قطعة ألماس في العالم، بالإضافة الى إمتلاك المتحف قاعة لعرض الأفلام عن تفاصيل كل معدن موجود في المتحف،و تُقام فيها المحاضرات الثقافية المتنوعة.
وأخيرا، بعد أن يتعرّف زائر هذا المتحف على سحر هذه المعادن، يحتار إن كان الكمال في الجمال هو لباطن الأرض أم لسطحها، و أنه مهما ابتكر الإنسان في صناعاته فإنه لن يتفوّق في الإبداع على الأرض.