-ريبيكا مرهج-
إدّه بلدة تقع في قضاء جبيل، محافظة جبل لبنان، تبعد عن العاصمة بيروت 45 كم وترتفع عن سطح الماء 250 متر فهي منطقة ساحلية تطل على البحر ومدينة عمشيت، تحدها من الشرق محمية بنتاعل الطبيعية. تعددت التفسيرات حول إسم البلدة لكن أجمع بعض المؤرخين أن إدّه تعني القوة، الصلابة، وقد ورد في التوراة Iddo بمعنى القوى الشديدة، وفي العبرية Ed أي الضباب وهناك احتمال أن يكون الإسم تحريف: ايد ومجازاً قوّة وسلطان ومن معانيها أيضاً الجانب والجهة.
تشتهر إدّه التي تبلغ مساحتها 398 هكتار ببيوتها الصخرية القديمة، كما بزراعة شجر الزيتون، اللوز والكرمة. وأيضًا بإحتوائها طيور البلبل، الدوري والحسون. أشهر العائلات التي تقطنها هي عائلة إدّه، مرهج وغيرهم. أكثر ما يضج في البلدة هو الأثار الدينية التي تحيطها من كل جانب والتي تعود إلى الأثارالفينيقية والرومانية والبيزنطية والصليبية. وهناك أعمدة ضَخمة أثرية، وتيجان وأعمدة منقوشة في الصخور، وصُلبانٍ تعود الى العهود القديمة. إدّه قرية ثرية بآثارها المسيحية ففيها العديد من الكنائس الأثرية منهم من تم ترميمهم ومنهم ما ترك على أنقاضهم وطبيعتهم.
كنيسة مار جرجس-إدّه
هي الكنيسة الرعائية للقرية حيث تقام فيها كافة الإحتفالات الدينية. عودةً إلى الوراء، كانت كنيسة مار جرجس معبدًا وثنيًا في العهد الفينيقي كون الحجارة التي إستخدمت في بناء هذه الكنيسة ليس فيها أي إنتظام لا في حجمها أو تركيبها. رُمِّمت هذه الكنيسة الأثرية عدَّة مرّات، وكُرِّست عام 1870 بيد المطران يوسف المريض، وصورة مار جِرجِس فيها هي بريشة الرسّام بولس شلافك.
في النظرة الأولى سترى أن هذه الكنيسة هي عبارة عن مُستطيلٍ هائل الحَجم مرَّ عليه الزمن، لكن في الحقيقة جدرانها مصنوعة من حجارة طبيعية أثرية تُعتبر اليوم كنزًا، وبحسب الباحثين فإن هذه الكنيسة قد بنيت في زمنين مختلفين لا زمن واحد، كون الجدران من الجهة الشرقية مختلفة عن الجهة الغربية من حيث العمارة والتركيب. عند دخولك للكنيسة ستلاحظ قبة معقودة على شكل نصف أسطوانة حيث يقع بيت القربان، وعندما ترفع نظرك إلى السقف سترى جمال الحجارة القديمة، وعلى الجدران هناك بعض الرسوم المتبقية من العهود القديمة، وأيضًا ستشاهد عينك الأبواب والنوافذ ذات الأقواس الدائرية التي هي ميزة التراث اللبناني القديم. عند النظر إلى أسفل نحوى الأرض سترى الأرض ملبّسةً بحجارة قديمة برتّها الأقدام فأضحت ناعمة كالحرير.
في الجهة الجنوبية الخارجية للكنيسة هناك سلم حجري قديم يؤدي الى السقف وينتهي في الوسط. للوصول لهذا السلم عليك المرور بأنقاض المعبد الروماني القديم الذي لم يبقى منه إلا أعمدة دون تيجانها وطريق تختزله الحجارة الطبيعية وشجرة نخيل قديمة.
عند زيارتك لساحة الكنيسة ستلاحظ نسخة عن العتبة الأصلية لكنيسة مار جرجس التي أرسلت إلى متحف لوفر- باريس بين عام 1860-1861، تحتوي هذه العتبة على نقش من الرموز الدينية الفينيقية التي تمثل كرة تلتف حولها أفاعي مجتمعة الأذيال في أعلاها وأجنحة صقرٍ، لكن هذه العتبة قد عدل شكلها بحيث تم تسطيح القرص وحفر في وسطه صليبًا أحمر.
كنيسة قلب يسوع-إدّه
هي كنيسة صغيرة تقع إلى جانب الكنسية الرعائية جنوبًا، حجارتها قديمة، وأمامها يوجد مذبح قديم وساحة خضراء واسعة تتخلله شجرة سنديان عملاقة، بناها أهل رزق-إدّه عام 1910 لتكون مدفن لعائلاتهم.
كنيستا مار يوحنا ومار تادروس-إدّه
هما كنيستان متلاصقتان، يقعان جانب نادي إدّه الثقافي. كنيسة مار يوحنا صغيرة جدًا شُيّدت في القرن السادس عشر، لا تَزال تَظهَر على جِدرانها بقايا لرُسومٍ وتخطيطاتٍ يونانية، لكنها مهملة رغم ترميم الكنيسة اللصيقة بها.
كنيسة مار تادروس، تقع شمال كنيسة مار يوحنا، تَم بناؤها في القرن الثالث عشر، التي تهدم جزأ كبير منها لدرجة أنها فقدت جمالها ككنيسة معقودة. هي اليوم تخضع لإعادة ترميم وتدعيم وتثبيت للجدران التي لا تزال موجودة لعلها تستعيد شكلها القديم.
كنيسة الملاك ميخائيل-إدّه
تقع على رأس تلة حدود إدّه الغربية، تطل على مدينة عمشيت. يخبرنا أجدادنا أن في عهد الصليبيين كان هناك مملكة على هذه التلة لكن حدث زلزال فإنشق التل وبقيت الكنيسة. تعرف اليوم هذه البقعة بـ “مزرعة صليبا” عودةً لأن المملكة كانت للصليبيين، وتشتهر بوجود الذهب والآثار والنماويس، هذه التحف والثروات بعضها قد ذهب للمتحف وسُرق بعضه الآخر. تحتوي المزرعة على الكثير من المغاور وتُعرف بأساطير الجن والرصد. وتعيش هناك الكثير من الحيوانات البرية والعصافير وهي ممتلئة بشجر السنديان والبلوط. في الكنيسة هناك مذبحين واحد يعود للملاك ميخائيل وآخر للملاك جبرائيل. الكنيسة اليوم مهملة من قبل السكان والبلدية كونها تقع في تلة بعيدة عن الطريق العام.
يوجد في منطقة إدّه أيضًا الكثير من الكنائس الأثرية القديمة التي سنيرك صورها، وهي كنسية مار ليشاع المحاطة بأشجار السنديان التي تقع غرب ماريوحنا ومار تادروس، سيدة دوقا تقع على أعلى بقعة في تلال إدّه، تقع كنيسة مار إلياس في كفرحتا-إدّه، ومار ضومط التي تقع إلى جانب كنيسة مار نعمة الله-إدّه لكنها مدمرة كلّيًا. لم نستطع الحصول على معلومات عن هذه الأثار الدينية كون لا معلومات عنها لدى الجهات المعنية، حتى الأجداد لا يتذكرون تفاصليها.
إدّه في إنتظاركم لزيارتها فهي غنية بالأثار والتحف القديمة وبمحبة أهلها، وهي تعتبرإحدى الطرق الرئيسية للوصول إلى المناطق الجبلية في قضاء جبيل، حتى من خلالها تصلون إلى دير القديس شربل عنايا.