مروى عزالدين
تتنوع المناطق السياحية في لبنان،فتجمع بين التاريخ والمشاهد الطبيعية حيث يجتمع في طبيعتها البحار والسهول والوديان والجبال، اما فيما يتعلق بالتاريخ فهي تحتضن مواقع أثرية تعود الى حضارات عديدة. فإن كنت من عشاق الآثار التاريخية والمتاحف. فمتحف بيروت الوطني سيكون قبلتك الأساسية، والذي يلخّص لكم تاريخ لبنان والحضارات التي مرّت على أراضيه على اختلافها.
إطلالة تاريخية:
كنز الحضارات اللبنانية،وهو متحف بيروت الوطني.فهو المتحف الذي يمثّل الفسحة الثقافية الرئيسية والأساسية في بيروت.يعرض جزء كبير من القطع الأثرية من الفترات الزّمنية التاريخية في بلادنا، و قبلة الزوار من مختلف أنحاء العالم، والذي يلخّص لهم تاريخ لبنان والحضارات التي مرّت على أراضيه على اختلافها. وقد بدأ تشييد هذا المتحف بعد الحرب العالمية الاولى، وتم افتتاحه رسميا في عام 1942. و بالرغم من تدميره جزئياًّ خلال الحرب الاهلية اللبنانية عام 1975، إلا ان القطع الأثرية تم حفظها عن طريق اتخاذ تدابير وقائية، وأُعيد افتتاحه في بيروت بعد ترميمه من قبل الرئيس اللبناني السابق أميل لحود في الثامن من أيلول عام 1999.
منذ افتتاحه استمرّ المتحف في عرض اكثر من 100000 قطعة أثرية متنوعة، و هذه القطع تعود إلى حقبات تاريخية مختلفة، ومن أبرز هذه الحقبات : حقبة ما قبل التاريخ، حقبة العصر البرونزي، العصر الحديدي، الحقبة الهلنستية، الحقبة الرومانية، الحقبة البيزنطية، والعصر الاسلامي(من الفتح الى عهد المماليك).
موقع المتحف:
يقع المتحف في العاصمة بيروت،عند تقاطع شارع عبدالله اليافي مع طريق الشام، يحيط به مضمار سباق بيروت ومبنى المديرية العامة للآثار، كما يحيط قاعة الدخول الموجودة بالطابق الأرضي بمسرحٍ صغيرٍ ومتجر هدايا.
:اذا اردت معرفة موقع متحف بيروت الوطني، قم بزيارة هذا الموقع
أبرز الأنشطة التي يمكنك القيام بها اثناء زيارتك للمتحف:
يضمّ متحف بيروت قبواً صغيراً و طابقين و مصطبةً، ويغطي المتحف ألواحٌ وأسقف زجاجية تخترقها أشعة الشمس لتنير المتحف بإضاءة طبيعية. فترى من خلال مدخل المتحف الأعمدة والجدران الممزوجة بين اعمدة بعلبك، والعمارة المصرية والرومانية.
تبدأ رحلة الزائر من الطابق الأرضي المليء بالقطع التي يصل عددها الى أكثر من ثلاثة وثمانين قطعةً تتنوّع بين توابيت وتماثيل وفيسفساء،وتُمتع نظر المتفرّج وتبهره بتفاصيلها المتميّزة، وفي الطابق عينه هناك مسرح مُخصّص لعرض أفلام قصيرة عن التحف والآثارات الموجودة في المتحف، فيتمّ عرض فيلم كلّ ساعةٍ تقريباً.
وبعد الطابق الأرضي،يمكن للزائر الانتقال إلى الطابق العلوي، فيحتوي هذا الطابق على قطعٍ تفوق عدد القطع الموجودة في الطابق الأرضي، حيث تصل محتويات هذا الطابق اكثر من 1243 قطعة اثرية مميزة. وهذه القطع تتنوّع حجماً بين قطعٍ صغيرة و قطعٍ متوسطة، ونوعاً بين قطع ذهبية ومجوهرات و تماثيل لحيوانات كانت موجودة، وأدوات كانت مُستخدمة قديماً،بالاضافة الى مختلف انواع الاحجار والزجاج، وكلّ تلك القطع تعود إلى عصر ما قبل التاريخ والعصر العثماني.
وبعد الاطّلاع على طابقي المتحف، يمكن للزائر أن يختم زيارته بالنزول الى القبو، والذي يضم تماثيل من نوع آخر، من فنون وممارسات جنائزية، كالتوابيت و بقايا عظام اشخاص وُجدوا بعد وقت طويل، بالاضافة الى لوحات جدارية متنوعة ترجع إلى العصور التي سبقت العصر العثماني.
ويتولّى التعريف عن المتحف و محتوياته موظفو المتحف،فيعرّفون الزائر على حياة إنسان ما قبل التاريخ، ابتداءً من العصر الحجري القديم حتى العصر الحجري الحديث، كما يقدّمون إطلالة تاريخية للزائرلمختلف العصور،كالعصر البرونزي و اكتشاف الأبجدية في هذا العصر، وإطلالة على تابوت الملك احيرام الذي يُعتبر من أهم آثار العهد البرونزي، بالاضافة الى تماثيل مصنوعة من البرونز المذهب. ونتعرف على العصر الحديدي وذروة الحضارة الفينيقية في لبنان، و من أبرز معالمها تماثيل معبد أشمون، وهناك آثار العصر الروماني والبيزنطي و المعالم المختلفة للحضارة الاسلامية. هذه الإطلالات الموجزة عن مختلف العصور يمكن لموظفي المتحف إيصالها للزوّار بمختلف جنسياتهم نظراً لتمكّنهم من لغاتٍ عدّة.
مميزات المتحف:
رسم دخول المتحف مازال خمسة آلاف ليرة لبنانية
هكذا بدأ الموظف حديثه اثناء مقابلتنا معه. فبالرغم من كل الأزمات المالية والاقتصادية العاصفة بلبنان، لم تغير الدولة رسم الدخول منذ إنشائه، الأمر الذي جعل زيارة المتحف أمراً ممكناً للفقير كالغنيّ.
ومن اهم مميزاته أيضا، أنه يمكن أن يكون مقصداً لمختلف الفئات العمريّة، ومختلف الجهات الثقافية و الاقتصادية، وأضاف موظف المتحف أنه على الرغم من أزمة كورونا والأوضاع الأمنيّة الغير مستقرّة في لبنان، إلا أنّ عدد زائري المتحف من الزوار و غيرهم كان لا بأس به، فالسوّاح القادمون من مختلف الدول الغربية كالدول الأوروبية والأميركية فاقوا عدد السوّاح القادمين من الدول العربية أو الشرقية. كما ردّ الموظف عن تساؤلي حول العصر أو القطع الأكثر جذباً للزوار بأنّ كلّ ما في المتحف يشكّل عنصر جذب لهم ،فالمتحف يضم كل تاريخ لبنان من مختلف المناطق: صيدا، صور، جبيل، طرابلس وغيرها. بالاضافة إلى انه يضم آثاراً من بلاد أخرى كمصر مثلاً. وختم الموظف المقابلة بالتأكيد على فكرة أن المتحف هو القبلة الاولى التي يتوجه اليها السائح لمعرفة تاريخ البلد الذي يمكث فيه، فعدد السائحين الذين يزورون المتحف الوطني عدد لا بأس به مقارنةً بالظروف الصعبة التي تعصف بالبلد.
بعض التعليقات لزوّار المتحف:
من خلال الحديث مع بعض الزائرين الذين يتجوّلون في المتحف تبيّن لنا مدى اعجابهم بما شاهدوه فأدلوا بتعليقاتٍ رائعة، فمنهم من قال انه من اروع وارقى المتاحف التى زارها، منهم من قال انه مكان ممتع يكتسب فيه الزائرالكثير من المعلومات المفيدة التي تطلعه على تاريخ لبنان ،كما اعتبر البعض أنه يجب تشجيع الآخرين لزيارة المتحف و الاطّلاع على محتوياته حتّى عدّ زيارته من أولوية من أولويات السياحة التاريخية.
و أخيرا، يمكن القول أن متحف بيروت الوطني هو كنز من كنوز لبنان، ومعلماً من معالمه الثابتة التي لا تتأثّر بالعواصف التي تعصف بالبلد، و ضوء أمل للحفاظ على تاريخه.
اذا كنت من المحبين والمهتمين بالمتاحف يمكنك بعد قراءة هذا المقال قراءة هذه المقالات: