-ريبيكا مرهج-
هي واحدة من أول وأصغر المحميات الطبيعية في لبنان، تبعد عن العاصمة بيروت شمالًا حوالي 45 كم، تقع في سفوح شمال شرق مدينة جبيل، نحن نخبرك على محمية بنتاعل الطبيعية في منطقة بنتاعل جبيل. تبعد المحمية تقريبًا 8 كم عن المدينة، تبلغ مساحتها 110هكتار، تأسست عام 1981، وتم افتتاحها في عام 1987. يمكنك الوصول إليها من خلال مدخلين: الأول قرب قرية مشحلان عبر طريق جبيل -إده -كفر مسحون – مشحلان – بنتاعل ، والثاني من أعالي منطقة بنتاعل عبر جبيل – عنايا – بنتاعل.
تحتوي المحمية على غابات الصنوبر التي تزينها من كل ناحية، ويتخللها ثلاثة مغاوير قديمة، كما تعتبر أداة جذب لمحبي الطيور كونها تقع على خط هجرة الطيور مثل النسور، الصقور، والطيور الجارحة الأخرى. وقد صنفت عام 2008 من قبل المجلس العالمي للطيور من بين أهم مواقع الطيور في لبنان.
تشتهر هذه الأيقونة الطبيعية بتنوعها وغناها بالحيوانات والنباتات التي هي على وشك الزوال.
وفي عام 2015 تم إطلاق مشروع “Green Shell Eco Adventure Park” الذي أضافت لمسة مميزة على المحمية، حيث تم إنشاء منتزه طبيعي، ومسارات للتجول والتعرف على كل جوانب الطبيعة بمساعدة مختصين ومتدربين في هذا المجال. فقد أعد المشروع دورات تدريبية للعناصر البشرية الشابة من القرى المجاورة المهتمة بالعمل في المحمية.
لندخل إلى عمق محمية بنتاعل
تتألف المحمية من 30 هكتار من الصنوبر و70 هكتار من السنديان، تحتضن حوالي 365 صنف من النباتات، بينهم 60 عشبة طبيعية وعشبتان محليتا المنشأ. إلى جانب النباتات يعيش في المحمية 650 صنف من الحشارات، 25 صنف من الثديات كالنيص والثعلب وإبن أوى، 4 أصناف من البرمائيات و25 صنف من الزواحف كالسلحفاة مثلًا، وأنواعًا متعددة من الطيور مثل النسور، الصقور، الباشق وباز العسل، وغيرهم. ويكتمل الغنى الطبيعي بوجود صخور ذات أبعاد ومقاييس وألوان مختلفة كما لو أنها لوحة فنية.
وفي المحمية سرٌ لا يدركه الكثيرون، هي أن محتواها يتغير مع الفصول. ففي الشتاء يظهر الفطر، وفي الربيع نبتة بخور وأزهار مختلفة الأشكال والألوان، في الصيف تفوح رائحة المردكوش والزعتر وترسم السحلبيات لوحة مميزة على الأرض، وفي الفصل الأخير من السنة أي الخريف يتربع زهر الخلنج اكوكبي على رفاقه من الزهور والنباتات.
المحمية تحتوي على 18 مسار مخصص للمشي، وأكثر من 7 مناظر ومواقع طبيعية، برج مراقبة، نهر، 3 مغاوير، مكتبة، متحف صغير يضم صور للأشجار والنباتات في المحمية، كما هناك حديقة تضم ألعابًا للأطفال ومطعم للعائلة من أجل الإستراحة.
مغاور محمية بنتاعل
مثلما ذكرنا سابقًا، تحتوي المحمية على 3 مغاور، أولها “مغارة الضبع” التي وبحسب أساطير الأجداد، فإن هذه المغارة تحتوي على قاعاتٍ عميقة مأهولة بضباعٍ مُفترِسة.
ثاني مغارة لا تمتلك تسمية، لكنها معروفة بمدخلها الجميل، لكن لا فائدة منها كونها لا تمتلك إلا قاعة واحدة صغيرة.
ثالث مغارة وأشهرهم هي مغارة مار يوحنا المعمدان القائمة على “صومعة صخرية” لا تزال موجودة حتى اليوم. وخلف الكنيسة يوجد تجويف كان يُستعمل لجَمع مياه الأمطار.
بعيدًأ عن المغارة بقليل، سترى مكان الذي بات فيه الناسك مار يوحنا، الموجود على إرتفاع 5 أمتار داخل الصخر. يحتوي هذا المكان من الخارج جدار مثقوب على شكل قوسٍ فيه جوف صغير. وفي الداخل توجِد 3 نوافذ مَحفورة في الحائِط من الداخل، أُول نافذة تقع على اليمين، هي مُستطيلة الشكل ومَنقوش عليها صَليب، النافذة الثانية هي على اليمين أيضًا تمتلك شكلٍ دائريّ، وفي عُمق الحفرة توجد النافذة الثالثة التي تَحجِب صليباً مميزًا ذو قرنين. هذه هي المَرّة الأولى في لبنان التي يُعثَر فيها على هذا النوع الخاص من الصُلبان في ملاذٍ صخريّ، إذ تمثل أضلاعِه الأربعة الصليب في الكنائس المارونية.
وفي هذه الحفرة، هناك على الجِدران الداخلية والسَقف، آثار لكُتلٍ حجرية جَرى صنعها بالمَطرقة وعليها يبدو أيضاً صَليب مُدلّى مَرسوم بالأحمر.
إن أصغر محمية في لبنان تُعد الأكثر غنى من ناحية النشاطات التي يمكن للعائلة، الطلاب، والأفراد القيام بها، فتكتسب بذلك المعرفة والوعي حول أهمية الكائنات الحية، وهناك تستطيع أن تصفي ذهنك من كل المشاكل التي تحيطك، فتصاحبك زقزقة العصافير وتغمرك رائحة الطبيعة السليمة.