-ريبيكا مرهج-
قرية بحديدات جبيل هي إحدى قرى الحروف السبعة إلى جانب إده وبنتاعل، تبعد عن جبيل حوالي الـ 11 كم وعن العاصمة بيروت الـ 47 كم. هي بلدة متواضعة من حيث عدد منازلها وسكانها، ويعود أصل إسم “بحديدات” بحسب المؤرخين إلى إسم آلهة سورية فينيقية تدعى “حديدات”، والـ”ب” آتية من بيت أي بحسب الدكتور أنيس فريحة يعتبر الإسم آتيًا من “محلة بيوت جديدة”.
تحمل بحديدات الكثير من خبايا الماضي، تحتوي على أجران ومعاصر قديمة تعكس التراث اللبناني، ومن كنزها التاريخي الأثري الديني كنيسة مار تادروس الكبير التي تحتوي على جداريات ورسوم وتاريخ ديني مسيحي يجسد العهد القديم والعهد الجديد.
هيا لندخل ونتعرف على كنيسة مار تادروس الكبير في قرية بحديدات جبيل .
لا تزال كنيسة الشهيد تادروس قائمة من القرن العاشر والفترة الواقعة بين الهجرة المارونية إلى لبنان وبداية النهضة، وحصلت على صفتها الأثرية عام 1966 بعد إدراجها على لائحة المواقع الأثرية.
من الخارج تشبه جميع الكنائس القروية القديمة، مربعة الشكل وأنهكها الزمن. يبلغ طولها حوالي 13 مترًا وعرضها 8 أمتار، تحتوي على فتحات صغيرة تعلو قوس النصر والباب الغربي ونافذة صغيرة من أجل التهوئة. ما يميزالكنيسة ويجعلها كنز تاريخي أثري ديني هو محتواها من الداخل، فهي تحتوي على رسوم ولوحات قديمة تعود إلى العهد السرياني. وتقسم اللوحات داخلها إلى قسمين: القسم الأول يمثل العهد القديم، والقسم الثاني العهد الجديد.
القسم الأول من كنيسة مار تادروس
تتربع فنون القسم الأول – العهد القديم على يمين قوس الكنيسة، رسم جداريّ يُجسّد يدَي الربّ وموسى يتلقّى منهما الوصايا العشر، ومن الناحية اليسرى النبي إبراهيم يستعدّ لتقديم إبنه الوحيد ذبيحةً للربّ، وما بين الإثنين رسمٌ للعمانوئيل وجنبه النّيرين العظيمين القمر والشمس.
وفي وسط القوس، على السقف، لوحة ليسوع المسيح، ويحيطه رموز للإنجيليين الأربعة والعذراء مريم ومار يوحنّا المعمدان والملائكة. كذلك في الوسط، لكن على الأرض، مذبحٌ يحتضن كتابات لاتينية تعني ” الإيمان عطية الله”.
القسم الثاني من كنيسة مار تادروس
القسم الثاني – العهد الجديد يجسد بِشارة مريم العذراء، ثم رسم للنبي دانيال الذي رأى المسيح قبل مجيئه الى العالم.
وإلى يمين القوس هناك مارإسطفان الذي يُعتبر الشهيد الأول في المسيحية وأول شمّاسٍ إنجيليّ عاصرالمسيح وشهد مجيئه متجسداً. اما الى الجهة اليسرى فيظهر رسم النبي دانيال .وعلى جوانب الجهتين، ترتسم صورة مار تاودروس شفيع الكنيسة من الشمال، فيما ترتسم على الحائط الجنوبيّ صورة القديس مار جرجس يقتل التنّين.
وفي أسفل القوس حول المذبح، تقع لوحة جدارية للرسل الإثني عشر تلفت نظرك عند دخول الكنيسة، فتستطيع التعرف على الرسل من خلال أسمائهم المكتوبة قرب رأس كل واحدٍ منهم باللغة السريانية. وإسم كل رسولٍ مكتوب قرب رأسه بالسريانية، وهم من اليسار الى اليمين على الشكل التالي: الرسول توما، الرسول أندراوس، الإنجيليّ يوحنّا، الإنجيليّ مرقس، الرسول بطرس، الرسول بولس، الإنجيليّ لوقا، الإنجيليّ متّى، الرسول سمعان، الرسول يعقوب، الرسول فيليبُّس.
كل هذه التحف أتعبتها الرطوبة، المياه الكلسية التي غمرتها على سنوات، طرق الترميم الغير سليمة مما أدى إلى شبه إختفاء بعضٍ منها، إلى أن بادر فريق إيطالي – لبناني بتمويل مشروع الترميم للحفاظ على هذا الكنز الأثري في تشرين الأول من العام 2009.
لا تفوت فرصة التعرف على التاريخ المسيحي في كنيسة مار تادروس الكبير، كما تستطيع بعد إنتهاء زيارتك في بحديدات، أن تمر بمحمية بنتاعل الطبيعية، وتستنشق بعد الهواء النقي، فلا تتأخر.