الرئيسية » سياحة بيئية » أيقونة بحر بيروت
صخرة الروشة في وقت الغروب
الصوة بعدسة سارة معوض

أيقونة بحر بيروت

آية درنيقة –

حيّرت عقول علماء الجيولوجيا وأربكت أفكارهم، فهي مَعلم طبيعي استثنائي نحتته عناصر الطبيعة المدمرة كالزلازل. إنها صخرة الروشة التي صمدت في وجه الزمن لتصبح معلما سياحيا بارزا يستقبل السياح من كافة الأقطار.

تتربّع صخرة الروشة قرب شاطئ كورنيش بيروت فتزيّن البحر بركونها فيه، وهي معلم سياحي رئيسي في لبنان. اذ تستقطب الكثير من السّيّاح الذين يقفون طويلا يتأملونها ويستمتعون برؤيتها ويتمعنون بعظيم هذا التكوين.

صخرة الروشة
الصورة بعدسة آية درنيقة

كلّ يوم أمارس هوايتي المفضلة على كورنيش صخرة الرّوشة. أستمتع برياضة المشي هناك، وأتأمل جمال منظرها وأسرح في خيالي وأنا أردد أغنية وديع الصّافي “لبنان يا قطعة سما”. حقّا هو قطعة من السّماء، فهذه صخرة الرّوشة التي يبلغ عمرها آلاف السّنين تشدّ الكثير من الأجانب والمواطنين الأصليين. وتسمّى بصخرة الحبّ أيضا، اذا يلتقي العشّاق عندها، وكان أول لقاء عشق جرى عندها في فيلم “ابي فوق الشجرة” بين الراحل عبدالحليم حافظ وناديا لطفي[1].

وكذلك يطلق عليها البعض صخرة الانتحار اذ شهدت حوادث انتحار عديدة عنها وكانت تنزف ألما لما يقومون به. وتدعى أيضا، بصخرالحمام اذ تعدّ مأوى وملجأ لأنواع كثيرة من الطيور وخاصة الحمام الذي يغطّ عليها بشكل دائم وبأعداد هائلة.

تجويفة الصخرة
الصورة من صفحة شادى خلود

لماذا سُمّيت ب صخرة الروشة؟

يعود إطلاق تسميتها لأصل آرامي، حيث تعني كلمة “روش”،”رأس” بالعربية ويقول البعض أنّ هذه التسيمة ترتبط بالحقبة التي حكم فيها الفرنسيون لبنان، ومع مرور الوقت سميّت المنطقة الساحلية أجمع ب منطقة الروشة [2].

مواصفات صخرة الروشة

هذه الصّخرة تبهر الجميع فهي تتكوّن من صخرتين ضخمتين، مختلفتي الحجم، إحداهما أكبر من الثّانية. كما أن الصّخرة الكبيرة متجوفة الوسط هائلة الإرتفاع اذ يصل ارتفاعها لما يقارب 36 مترا. في حين تختلف الصّخرة الثانية اذ تأثرت بعوامل التّعرية الجوية ما جعلها مدببة الشّكل. وبحسب علماء الجيولوجيا فقد ظهرت هذه الصخرة في القرن الثالث عشر بعدما ضرب زلزال قوي الجزر هناك. وكانت تلك الجزر مأهولة بالسكان.[3]

أهمية صخرة الروشة

تستطيع أن تمارس هواياتك وان تشارك بالنشاطات التي تقام عند صخرة الرّوشة. اذ تعتبر مكانا سياحيا لإقامة نشاطات متعددة عندها، ولطالما تزيّنت بأعلام ولافتات منوّعة حسب دلالات المناسبات.

يمكن لزائري صخرة الروشة التجوّل بالبحر بواسطة القوارب التي تبحر حولها وفي تجاويفها. وكثيرا ما تشهد تلك الصّخرة مسابقات قفز في المياه وبطولات في السباحة. وهذه الممارسة لها قوانينها الخاصة للحفاظ على السلامة. فالقفز عن هذه الصخرة ليس بالأمر السّهل والكثير من الغطاسين يتدربون لعدة سنوات من اجل القفز عن هذا الإرتفاع.

وقد جرت في الآونة الأخيرة بعض القفزات الإستعراضية على الصخرة على ارتفاع 27 مترا. وهؤلاء المشاركون بارعون جدا في القفز والسباحة. ويتدرب المشاركون لفترات طويلة بدء من ارتفاع خمسة امتار وصعودا. والقفز عن صخرة الروشة خطر جدا لا سيما وانّ عمق المياه تحتها سبعة أمتار والقفز نحوها يأخذ ثلاث ثوانٍ بسرعة عالية جدا[4]

فإذا كنت من محبّي السباحة وبارع بهذه الرياضة، استشعر جمال هذه الموهبة في تلك البقعة السيّاحية. وان كنت محترفا بالتصوير وشغوفا بأخذ الصور التذكارية، صخرة الروشة في بيروت مكان خلاب مناسب جدا لهذه الموهبة ايضا.

قارب بجانب الصخرة
الصورة من صفحة Lebanon Official

ما يحيط صخرة الروشة

في محيط صخرة الروشة تكثر الأبراج السكنية والمقاهي والعمارات والمطاعم، وباتت تلك المنطقة حيّزا أساسيا للسياحة، فالمقاهي والمطاعم هناك بعضها محليّ والآخر عالمي كـ  Starbucks[5] وغيرها وتعتبر هذه المنطقة الأهمّ في بيروت. وهذه المنطقة راقية جدا حيث يستلذّ الزائر بحسن الإستضافة ولكنها من أغلى مناطق بيروت كونها مطلب سياحي أساسي.

لا يمكن للسّائح أن يصل إلى بيروت ولا يزور تلك المنطقة ويأخذ الصّور التذكارية قرب صخرة الروشة. الاستمتاع بجمال منظرها من، المقاهي والمطاعم وحتّى الأوتيلات المطلّة عليها.

فالمطاعم هناك تقدّم أشهى المأكولات الشرقية والغربية التي تميّز المطبخ اللبناني عالميا حيث يقصد لبنان العديد من السياح للإستمتاع بلقمة شهية.

ترويقة أمام صخرة الروشة
الصوة من صفحة غادة العجلاني

ورغم غلاء محيط صخرة الروشة إلا أنّ مئات اللبنانيين يقصدونها طيلة أيام العام لمشاهدتها عن قرب وللقاء صديق او التنزه مع عائلة وربما حبيب. وقدتحوّلت هذهالمنطقة للنّزهات الأسبوعية واليومية وبالتّالي انتشر على أرصفتها بائعو الورود والقهوة والذرة والعصائر والغزلة وعربات الكعك ما يجعلك تستمع بلحظات تواجدك قرب صخرة الروشة مع من تحبّ.

وبين الحين والآخر يطلّ عليك أصحاب كاميرات تظهر صورة فورية ويقنعوك بتخليد هذه الذكرى وتواجدك هناك. ويراودك أيضا بائع الورد الأحمر الذي يغريك لتشتري لحبيبك وردة تهديها إليه، ولكي يكتمل المشهد تتنقّل البصارات هنا وهناك تسترزق من قراءة الكفّ او فنجان القهوة، فلا تشعر بملل، بل يشدّك الجو للإطالة في ذاك المكان[6].

ممارسة الأنشطة

أمّا عن الرياضات الصباحية على كورنيش الروشة فالحديث يطول، الكثيرون ممّن يمارسون الرياضات اليومية يقصدون تلك المنطقة، فترى بعضهم يمشي وآخرون يهرولون، والبعض الآخر يقوم بحركات سويدية وكثيرون يقودون دراجات هوائية، والعديد منهم يجلس يتأمّل روعة الصّباح ويستمع موسيقاه المفضلة.

ويبقى لسحر الغروب عند صخرة الروشة لوحته الخاصّة، فالوقوف هناك يمنحك فرصة مراقبة لحظات الغروب بأجمل المناظر، تتجلّى أمامك اورجوانية الشّمس وهي تنزل رويدا رويدا في الماء وتغادر إلى ما وراء البحر. هذه اللوحة المسائية اليومية ترسم في العقول صورا لا تنسى، وتسطّر قصائد حبّ للعاشقين، وحزن للفاقدين، ووصف للشعراء وتغنّ لمحبي لبنان وأيضا تعطي نفحة شكر للحامدين خالقهم على عظمة ما يرمقون.

هذه الصّخرة العجيبة التي قامت على أنقاض، شهدت قصصا وروايات حب ونهايات حياة، وباتت معلما لا يستطيع السائح تفويته، فإذا سنحت لك الفرصة بالقدوم إلى لبنان إياك أن لا تزور تلك المنطقة وتكحّل أنظارك بجميل المنظر وتزيل عن كاهلك أعباء الحياة بالاسترخاء عند شاطئ صخرة الروشة.

عن آية درنيقة

طالبة ماستر في الإعلام الرقمي - الجامعة اللبنانية. تخرجت من الجامعة اللبنانية الدولية .في ال2018 من اختصاص الراديو والتلفاز